يوم عرفة: يوم المغفرة والرحمة
- Mohamed Mosaad
- Jun 16, 2024
- 3 min read
كتبت: رحمه نبيل
يُعد يوم عرفة أحد أعظم أيام السنة في الإسلام، حيث تتجلى فيه أعظم معاني الروحانية والتقوى، وتتوافد فيه القلوب قبل الأجساد إلى رحاب الله طلبًا للمغفرة والرحمة. هذا اليوم المبارك، الذي يوافق التاسع من شهر ذي الحجة، يمثل ذروة موسم الحج ويتخلل نفوس المسلمين بفيض من الإيمان والسكينة.
في يوم عرفة، يجتمع الحجاج على جبل عرفات في مشهد مهيب ورائع، حيث يعتبر هذا اليوم من أعظم أيام الحج. يتوجهون بقلوب مفعمة بالإيمان والتوبة، داعين الله عز وجل بمختلف الأدعية والتضرعات، طالبين المغفرة والرحمة.
في هذا اليوم، تشعر قلوب الحجاج بفيض من السكينة والطمأنينة، وكأنهم في لحظة من الزمن خارج حدود الدنيا، يتواصلون مع خالقهم في أعظم مناسك الإيمان. تختلط دموع التوبة بفرحة الأمل، بينما تتردد الأدعية في الأرجاء كأنها ترانيم روحية تملأ الفضاء بالخشوع والرهبة.
يشعر الحجاج بنقاء لا مثيل له، وكأن أرواحهم تغتسل من كل ذنوب الماضي، ليبدأوا صفحة جديدة من حياتهم. إنه شعور لا يمكن وصفه بالكلمات، بل هو مزيج من الإيمان العميق، والرجاء الصادق، والتوبة النصوح.
يُعد يوم عرفة محطة أمل للكثير من المسلمين من جميع الأعمار، من الصغير إلى الكبير، الذين يتمنون زيارة الكعبة المشرفة، الأطفال والكبار يتمنون زيارة هذه البقعة الطاهرة، ليشعروا بالسلام الروحي، ويُحققوا أمنياتهم بالتقرب من الله والتضرع بين يديه.
تُرى في أعينهم بريق الأمل، وحنين لا ينطفئ، يتسلل إلى عمق الروح، ويصوغ لهم في كل لحظة أمنية جديدة. يتمنى الصغير أن يرى الكعبة بعينيه، ويتمنى الكبير أن يقترب منها كما تقترب الروح من خالقها في لحظات الصفاء. يوم عرفة هو نهر من الحُسن، يجرف معه كل أماني الناس، ويعيد إحياء الأمل في كل قلب.
فضائل يوم عرفة
يوم عرفة هو يوم الشفاعة والمغفرة، إذ قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟" (رواه مسلم). في هذا اليوم، تفتح أبواب السماء وتنزل الرحمات، وتُغفر فيه الذنوب والخطايا لمن أخلص النية وأحسن العبادة.
شعائر يوم عرفة
يصعد الحجاج في يوم عرفة إلى جبل عرفات، حيث يجتمعون من شتى بقاع الأرض، متوجهين إلى الله بالدعاء والتضرع. يرفعون أكف الضراعة، وقلوبهم مليئة بالأمل والرجاء، متمنين أن يُكتب لهم في هذا اليوم المغفرة والقبول. يُعتبر الوقوف بعرفة من أهم أركان الحج، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" (رواه الترمذي).
الصيام والدعاء
يوم عرفة له مكانة خاصة حتى لمن لم يسعده الحظ بالحج. صيام هذا اليوم يُكفر ذنوب سنتين، سنة ماضية وسنة قادمة، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (رواه مسلم). في هذا اليوم، ينصح بكثرة الدعاء والإلحاح فيه، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة" (رواه الترمذي).
في عرفات، تختلط مشاعر الحجاج بين الرهبة والسكينة، وبين الخشوع والفرح. يشعرون بقرب الله منهم، ويستشعرون عظمته ورحمته. يرتدون الإحرام، هذا اللباس البسيط الذي يوحدهم دون تمييز، وتصبح قلوبهم أكثر صفاءً وتواضعًا.
يوم عرفة هو يومٌ تتجلى فيه رحمة الله وعفوه، يوم يجتمع فيه المسلمون في مكان واحد وقلب واحد، ليشهدوا هذا المشهد العظيم، سائلين الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم. هو يوم يُعزز في النفوس الأمل ويُشعل في القلوب نور الإيمان، ويظل محفورًا في ذاكرة كل مسلم، سواءً أكان من الحجاج أم من صائمي يوم عرفة في كل أنحاء العالم.
و في هذا اليوم العظيم، نرفع أيدينا بالدعاء:
(اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ)
في هذا اليوم المبارك، نسأل الله العلي القدير أن يكتب لنا ولجميع المسلمين حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وأن يعيد علينا هذه الأيام المباركة بالخير واليمن والبركات.

Commentaires