تغطية فعاليات العرض الثاني بمهرجان المسرح العربي

كتبت : ابتسام حسن

تصوير :- فاطمة سامي , نورهان مجدي

عرض "الشاهد" الذي أخرجه عمر الشرنوبي وأقيم على خشبة المسرح الكبير بقصر ثقافة الأنفوشي ضمن فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان المسرح العربي، يعتبر عملاً مسرحياً متميزاً يحمل رسالة عميقة تتناول واحدة من أقدم القصص في التاريخ البشري. العرض يستند إلى قصة قابيل وهابيل، حيث يقدم قابيل كشخصية محورية تمثل الصراع الأبدي بين الخير والشر.

حبكة العرض

تبدأ الأحداث بتقديم قابيل كأول قاتل في التاريخ، حيث يرتكب جريمة قتل أخيه هابيل مدفوعاً بالغيرة والغضب. لكن ما يجعل العرض فريداً هو التركيز على العواقب التي يواجهها قابيل ليس فقط في لحظة ارتكاب الجريمة، بل على مر التاريخ. الشاهد هنا ليس مجرد فرد رأى ما حدث، بل هو رمز لكل من يعاني من نتائج أفعاله، إذ يُحكم على قابيل بأن يكون شاهداً على نتائج خطيئته عبر الزمن.

من خلال استخدام تقنيات مسرحية مبتكرة، يتم إظهار كيف أن فعل القتل لم ينتهِ عند قابيل، بل أصبح جزءاً من تاريخ البشرية، يعيد نفسه في كل مرة ينتصر فيها الشر على الخير. الشخصيات الأخرى في العرض، سواء كانت رمزية أو واقعية، تساهم في استكشاف الجوانب المختلفة للصراع الداخلي الذي يعيشه قابيل.

العرض لا يتناول فقط جريمة قتل عادية، بل يقدم رؤية فلسفية عن الصراع بين الخير والشر الذي يتكرر عبر الأجيال. قابيل هو الشاهد على الشر الذي ارتكبه، وهو أيضاً الشاهد على الصراع المستمر داخل كل إنسان. هذه الفكرة تعززها الأحداث التي تكشف أن الغيرة والغضب والشعور بالضعف ليست مشاعر بسيطة، بل هي قوى مدمرة يمكن أن تهدد السلام الداخلي للبشرية.

من خلال الحكاية الدرامية لقابيل، يقدم "الشاهد" رسالة أخلاقية واضحة: علينا أن نكون واعين لقوة المشاعر السلبية وكيفية التحكم بها قبل أن تقودنا إلى أفعال لا يمكن إصلاحها. العرض يدعونا للتفكير في كيفية تأثير القرارات الخاطئة على مستقبلنا، وكيف أن عدم القدرة على مواجهة هذه المشاعر قد يؤدي إلى تكرار نفس الأخطاء.

في الختام "الشاهد" ليس مجرد عرض مسرحي تاريخي، بل هو تأمل عميق في النفس البشرية، ويطرح تساؤلات حول القدرة على التحكم في الصراع الداخلي الذي يعيشه كل فرد. من خلال قصة قابيل، يقدم العرض حكاية إنسانية عامة تعكس مدى تعقيد الخير والشر في حياتنا