"أُنزل فيه القرآن"… شهر رمضان بين الماضي والحاضر
- Mohamed Mosaad
- Mar 16, 2024
- 2 min read
كتبت - روان حمزاوي:
شهر القرآن، شهرٌ اختصه اللهُ سبحانه وتعالى من بين الأشهر ورفع شأنه، ففرض فيه أحسن العبادات، وأوحي إلى نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم أحسن القصص في كتابٍ عربيٍ أُحكمت أياته منزها عن الخطأ، فيه ليلة القدر مُيزت بفضلها وثوابها من بين ليالي الأرض، يقبل هذا الشهر وتتدافع عليه الناس لغسل أرواحه ونفوسهم من نصب وكبد الحياة، وتستجاب فيه الدعوات من تمنيِ وأمل ورجاء، إنه شهر رمضان.
وفرضت عبادة الصيام في السنة ال2 من الهجرة، ونزلت أيات الصوم في المدينة المنورة، وصام الرسول صلى الله عليه وسلم 9 أعوام من بعد فرض الصيام وتوفى في السنة 11 من الهجرة، وجاءت هذه العبادة لتذكر العباد بتقوى الله والرجوع إليه وطلب حجاتهم منه والتفكر في أمور دينهم، ووقاية لهم من الشهوات الدنيوية، وكفارة للذنوب، وغفران للسيئات، وتطهير لسائر الجوارح والحواس.
وميز الله سبحانه وتعالى الصيام على سائر العبادات لما فيه من تعب ومشقة للناس، بأن جعل له بابًا من أبواب الجنة، ورفع من شأن الصائمين وجعل صيامهم شفيعًا لهم، ومن حكمة الله في الصيام أنه تهذيب وتقويم لما تشتهيه الأنفس وما تهوى، وكف الأذى بين الناس، واجتناب مقومات الذنوب والكبائر منها.
وكان أول نزول للقرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر، وأولى كلماته "إقرأ"، وبعد ذلك نزل القران في أوقات متفرقة من السنة، وكان لمدة 23عامًا، منهم 13 سنة في مكة المكرمة قبل الهجرة، و10 سنوات في المدينة المنورة بعد الهجرة من بداية بعثت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وفاته، وذلك ماجعل ليلة القدر ذات شأن مختلف، فهي خيرٌ من 1000 شهر.
وشهر رمضان له طابع مختلف على مر العصور ففي العصر الأموي، اتصف خلفاء ذلك العصر بشدة الكرم من عمرو بن العاص إلى أخرهم عبد الملك بن مروان، وكان الخليفة يتحرى بنفسه ظهور هلال شهر رمضان، وكان يأمر بإعداد الموائد في الشوارع وإضاءة المساجد والمآذن، وزيادة الرواتب، وتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين، وكان يتفقد المساجد والشوارع ليطمئن على أحوال الناس خلال رمضان.
وخلال عهد الخلافة العباسية، فكان قاضي القضاه قبل مطلع الشهر يصعد إلى المرصد الفلكي لرؤية الهلال، وكان الخليفة يجمع الوزراء وكبار التجار ويتفقد المخزون للدولة من الدقيق والسكر، وفي شهر رمضان كان يقدم الذبائح لكافة الناس بشكل يومي، واشتهروا بموائدهم التي تتنوع بما لذ وطاب من الطعام والشراب.
وأما في الخلافة الفاطمية، كانت تختلف في استقبالها للشهر الفضيل، فكانوا يزينون الشوارع والمساجد بفرش حصير ملون ووضع القناديل لإضاءة الثريات، وتميزوا بتنوع أسواقهم لبيع الياميش، وحلويات السكر والشموع، وكانت تنشط حركة هذه الأسواق خلال شهر رمضان، كما عُرف عنهم أنهم أول من صنع حلويات رمضان مثل الكنافة والقطايف، وكان الوالي يطوف في ديار مصر لإيقاظ الناس للسحور وعُرف بالمسحراتي.
وتحتفظ مصر بأجواء رمضانية خاصة بها تختلف عن أي مكان، ولها تراث حضاري إسلامي متنوع من طراز كل عصر، فستقبل رمضان بالزينة في الشوارع والمنازل، وتجهز وتهيئ المساجد، ويتميز أهل مصر بالكرم بإعداد موائد الرحمن، واستقبال ضيوفهم والحرص على حسن ضيافتهم، ووصل الأرحام بزيارة الأقارب والجيران والاتصال بهم ومعايدتهم بقدوم الشهر الفضيل.

Comments